السبت، 18 يوليو 2015

ماذا بعد رمضان يا مسلمون ابن عثيمين رحمه الله تعالى

فماذا بعد رمضان يا مسلمون

      ══◎═══◎❁◎═══◎══
لفضيلـة الشيـخ العـلامـة /
مُـحـمـد بـن صـالـح العُـثيميـن -
رحـمـهُ الـلـه وغـفـر لـه -
 فيا عباد الله : إننا نشكر الله - عز وجل - على ما أنعم به من إتمام صيام رمضان وقيامه ، ونسأله تعالى الذي وفقنا لذلك أن يوفقنا لقبوله ، نسأله تعالى أن يوفقنا لقبوله ، لقبول صيامنا ، وقيامنا ، وسائر أعمالنا .
 أيها المسلمون : لقد حل بنا شهر رمضان شهرًا كريمًا فأودعناه ما شاء الله من الأعمال ، ثم فارقنا سريعًا شاهدًا لنا أو علينا ، إن مِنَ الناس مَنْ فرحوا بفراقه ؛ لأنهم تخلصوا منه ، تخلصوا من الصيام والعبادات التي كانت ثقيلة عليهم ، وإن من الناس من فرح بتمامه ؛ لأنهم تخلصوا به من الذنوب والآثام بما قاموا به فيه من الأعمال الصالحة التي استحقوا بها وعد الله بالمغفرة ؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا : غفر له ما تقدم من ذنبه ) . ( ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا : غفر له ما تقدم من ذنبه ) . ( ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
⚪ فهذه أسباب ثلاثة عظيمة لمغفرة الذنوب في شهر رمضان الذي فارقناه وودعناه ، وإن الفرق بين الفرحين عظيم ، وإن علامة الفرح بفراقه : أن يعاود الإنسان المعاصي بعده ، فيتهاون بالواجبات ، ويتجرأ على المحرمات ، وتظهر آثار ذلك في المجتمع فيقل المصلون في المساجد وينقصون نقصًا عظيمًا ملحوظًا ، ومن ضيع صلاته فهو لما سواها أضيع ؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وإن المعاصي بعد الطاعات ربما تحيط بها وتكون أكثر منها وأعظم فلا يكون للعامل سوى التعب ، قال بعض السلف : ( ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى ؛ كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة على رد الحسنة وعدم قبولها ) .
 يقول الله - عز وجل - : ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ﴾ . [ المائدة : 49 ] .
 أيها الإخوة : أتظنون أن مواسم الخير إذا انتهت فقد انقضى عمل المؤمن ؟ إن هذا الظن ظن لا أساس له من الصحة ، إن عمل المؤمن لا ينقضي بانقضاء مواسم العمل ، إن عمل المؤمن عمل دائب دائم لا ينقضي إلا بالموت ؛ كما قال الله - تبارك وتعالى - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ . [ آل عمران : 102 ] ، وقال تعالى : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ . [ الحجر : 99 ] ، أي : حتى يأتيك الموت .
 أيها الإخوة : لئن انقضى شهر الصيام فإن زمن العمل لم ينقطع ، لئن انقضى صيام رمضان فإن الصيام لا يزال مشروعًا - ولله الحمد - ( فمن صام رمضان وأتبعه بستة أيام من شوال كان كصيام الدهر ) ، وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صيام الاثنين والخميس ، وقال : ( إن الأعمال تعرض فيهما على الله فأحب : أن يعرض عملي وأنا صائم ) ، وأوصى - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة من أصحابه - ووصيته لواحد من أصحابه وصية لأمته - صلى الله عليه وسلم - كلها - : ( أوصى أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء - رضي الله عنهم - : أن يصوموا ثلاثة أيام من كل شهر ) ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله ) .
⚪ أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى ، وبادروا أعماركم بأعمالكم ، وحققوا أقوالكم بأفعالكم ، فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله ، وإن الكيس - أيها المسلمون - : ( الكيس من دان نفسه . أي : حاسبها وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمني على الله الأماني ) ، اذكروا - أيها المسلمون - : ( أنكم إذا متم تبعكم ثلاثة : أهلوكم وأموالكم وأعمالكم ؛ فيرجع اثنان ويبقى واحد ! يرجع الأهل والمال ، ويبقي العمل قرينا الإنسان إلى يوم القيامة ) ، اللهم اجعل أعمالنا صالحة ، واختم لنا بحسن الخاتمة يا رب العالمين .
 عباد الله : إن طرق الخيرات كثيرة فأين السالكون ؟ وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون ؟ وإن الحق لواضح لا يزيغ عنه إلا الهالكون ! فخذوا - عباد الله - من كل طاعة بنصيب ، فقد قال الله - عز وجل - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ . [ الحج : 77 ] ، واعلموا - أيها الإخوة - أنكم مفتقرون لعبادة الله أشد من افتقاركم إلى الطعام والشراب والهواء والنوم ، إنكم مفتقرون لذلك في كل وقت ، وليست العبادة فقط في رمضان ، وليست العبادة في رمضان فقط ؛ لأنكم تعبدون الله والله حي لا يموت .
 أيها الإخوة : إنه سيأتي اليوم الذي يتمنى الواحد فيه زيادة ركعة أو تسبيحة في حسناته ، ويتمنى نقص سيئة أو خطيئة في سيئاته ، فبادروا - أيها الإخوة - بادروا الزمن بالأعمال الصالحة ، إنه لا يتعب الإنسان أن يذكر الله - تعالى - بلسانه ، أو يقرأ كتابه بلسانه ؛ لأن هذا أمر سهل يمكنك أن تذكر الله - عز وجل - ؛ كما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( لأن أقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس )
 مـن مـوقـع الإمـام الآجـري
<><><><><><><><><><>
http://goo.gl/rJ56zp