الخميس، 6 يونيو 2019

توضيح البيان على مشروعية تقديم الست من شوال على قضاء رمضان

توضيح البيان على مشروعية تقديم الست من شوال على قضاء رمضان
-------------
بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمدلله وبعد : فقد رأيت رد الشيخ الحبيب عبدالرقيب بن أمين على رسالتي في جواز تقديم الست من شوال على قضاء مافات من رمضان وسألته عن سبب رده علي مع أني أقول بقول الجمهور فبين لي أنه سئل عن رسالتي وأنه لايصح له كتم العلم عمن سأله ففرحت بذلك كثيرا وحمدت الله تعالى أن جعل لي اخوانا بالحق يقولون ومع الخلق لايداهنون 
ثم عزمت على مناقشة رسالته من باب زيادة العلم ومدارسة أهله فكتبت هذه الرسالة وسميتها [ توضيح البيان على مشروعية تقديم الست على قضاء رمضان ] وقد جعلتها على ثلاثة فصول مقدمة ونقاش وخاتمة قلت فيها :

أولاً : المقدمة :
قبل اختلاف العلماء في مسألة تقديم الست على القضاء أو القضاء على الست فقد اختلفوا في أساس مشروعية صيام الست فمنهم من أجازها ومنهم من يرى أنها بدعة أو أنها مكروهة ومنهم من يستدل على ذلك بضعف حديث أبي أيوب الأنصاري الذي في صحيح مسلم بسبب سعد بن سعيد ؛ لأنه سيء الحفظ ؛ ومنهم من يستدل بكونه لم يؤثر عن أحد من السلف أنه صامها ، وأما ما ينسب للامام مالك فالصحيح أنه كرهها خشية أن يظن الناس وجوبها ومنهم من قال إنما كره صيامها بعد رمضان مباشرة خشية أن يظنها الجهال من رمضان ومن المالكية من نقل أنه كان يصومها 
والعجب ممن ضعف الحديث بحجة سوء حفظ سعد بن سعيد فالحديث قد جاء عن غيره ، جاء عن أخيه يحيى بن سعيد عند النسائي (  163 ) ، وصفوان بن سليم عند أبي داود ( 2433 ) وإنما روى له مسلم لعلمه أنه لم يخطئ في هذا الحديث كما بين ذلك ابن القيم في شرحه لسنن أبي داود 
قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن ( 1 / 477 ) :
وقد أعل حديث أبي أيوب من جهة طرقه كلها . أما رواية مسلم فعن سعد بن سعيد ، وأما رواية أخيه عبد ربه فقال النسائي : فيه عتبة ليس بالقوي ، يعني راويه عن عبد الملك بن أبي بكر عن يحيى . وأما حديث عبد ربه فإنما رواه موقوفا . وهذه العلل - وإن منعته أن يكون في أعلى درجات الصحيح - فإنها لا توجب وهنه ، وقد تابع سعدا ويحيى وعبد ربه عن عمر بن ثابت : عثمان بن عمرو الخزاعي عن عمر ، لكن قال عن عمر عن محمد بن المنكدر عن أبي أيوب . ورواه أيضا صفوان بن سليم عن عمر بن ثابت ذكره ابن حبان في صحيحه وأبو داود والنسائي ، فهؤلاء خمسة : يحيى وسعيد وعبد ربه بنو سعيد وصفوان بن سليم وعثمان بن عمرو الخزاعي ، كلهم رووه عن عمرو فالحديث صحيح اهـ
وقال الامام الطحاوي : ( هذا الحديث لم يكن بالقوي في قلوبنا من سعد بن سعيد ورغبة أهل الحديث عنه حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة في الرواية والتثبت ووجدناه قد حدث به عن عمرو بن ثابت صفوان بن سليم وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الانصاري وعبد ربه بن سعيد الانصاري ) عقب الامام الألباني بقوله : ثم ساق أسانيده إليهم بذلك فصح الحديث والحمد لله وزالت شبهة سؤ حفظ سعد بن سعيد . وحديث صفوان بن سليم أخرجه أبو داود أيضا والدارمى مقرونا برواية سعد بن سعيد اهـ
قال الحافظ ابن القيم في تهذيب السنن ( 1 / 483 ) :
لكن مسلم إنما احتج بحديثه لأنه ظهر له أنه لم يخطئ فيه بقرائن ومتابعات ولشواهد دلته على ذلك وإن كان قد عرف خطؤه في غيره فكون الرجل يخطئ في شيء لا يمنع الاحتجاج به فيما ظهر أنه لم يخطئ فيه وهكذا حكم كثير من الأحاديث التي خرجاها وفي إسنادها من تكلم فيه من جهة حفظه فإنهما لم يخرجاها إلا وقد وجدا لها متابعا . وههنا دقيقة ينبغي التفطن لها وهي أن الحديث الذي روياه أو أحدهما واحتجا برجاله أقوى من حديث احتجا برجاله ولم يخرجاه ؛ فتصحيح الحديث أقوى من تصحيح السند اهـ 
قلت : كما أن الحديث لم يروه أبو أيوب فقط فقد جاء أيضاً عن جابر الأنصاري وعن ثوبان مولى رسول الله رضي الله تعالى عنهم جميعاً 
وقد رأيت من ينكر صيام الست معللاً أنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صامها ورددت عليه أنه إذا ثبت صحة الحديث لايلزمنا ورود التطبيق الفعلي له فكم من أحاديث وردتنا عنه صلى الله عليه وسلم ولم يردنا فعله أو عدم فعله بمضمونها والأصل هو أن الرعيل الأول من المبادرين لذلك ومع ذلك فلاتكن قضية جهلنا بفعله مانعة لنا عن العمل بقوله 

ثانياً : النقاش 
لاشك أني استفدت من رسالة شيخنا حفظه الله وإنما أحببت مناقشة بعض ما أخذه على رسالتي من باب التوضيح للدليل والتشريح للتعليل والترجيح للسبيل 
1- المأخذ الأول : قال حفظه الله : أن الراجح هو تقديم القضاء على الست ؛ لأن القضاء فرض واجب ولأن دلالة الحديث تدل على صيام رمضان بالتمام 
الجواب : كما أنه لايوجد دليل صحيح صريح في ترجيحنا كذلك لايوجد دليل صحيح صريح في كون من قدم النفل على الواجب لم يقبل منه ، وعليه فالفريقين اجتهدا وراجح كل فريق مرجوح عند غيره والمتقرر هو العمل بالأيسر ، كما أن الشيخ حفظه استدل ببعض الفتاوى وأحالنا لفتوى العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع ( ٦ / ٤٦٨ ) وأقول صحيح أن الشيخ يشترط القضاء قبل الست ولكنه من حيث مسألة تقديم النفل على الفرض يجيز ذلك في نفس الكتاب حيث قال بعد كلام له ( 6 / 146 ) : والجواب عن التعليل الذي ذكره الأصحاب أن نقول : الفريضة وقتها في هذه الحال موسع فلم يفرض عليَّ أن أفعلها الآن حتى أقول إنني تركت الفرض ، بل هذا فرض في الذمة وسع الله تعالى فيه فإذا صمت النفل فلا حرج اهـ 
ويجاب عن قوله : ( ثم أتبعه ستا من شوال ) أن هذا خرج مخرج الغالب فيتبع ماصامه أداء بالست لضيق وقتها ويؤجل مافاته إلى ميسرة وإن قدر على تقديم القضاء فلاشك أنه أفضل وحديثنا عن الجواز والمنع وليس عن الأفضلية وإلا فلاشك أن تقديم الفرض أفضل من النفل في حق من قدر عليه دون مشقة .
وأما من تمسك بظاهر اللفظ وأخذ منه شرطية عدم البدء بالست إلا بعد صيام رمضان تاماً فيلزمه أن ظاهر الحديث يختص بمن صام رمضان كاملا في رمضان وجاء شوال وليس عليه قضاء من رمضان أصلا ؛ لأنه قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال ) أي أتبعه بالست من شوال بعد صيام الشهر كاملا في رمضان وليس فيه ما يدل على دخول القضاء في اللفظ ؛ لأن القضاء قطعاً لايكون في رمضان !! فهذا يلزمهم بناء على مذهبهم .. ولاشك أنهم لايرون الالتزام بهذا دل على أنهم يرون القول بالتقديرية أن القضاء يدخل بناء على مفهومهم كونه مقدما على الست ولكنهم لايسمحمون لمخالفيهم القول بالتقديرية أن القضاء يدخل بناء على مفهوم آخر وهو أن الست تتبع ماصامه من رمضان أداء ويبقى في ذمته مالم يصمه قضاء فجاز له تقديمه أو تأخيره  
2- المأخذ الثاني : قوله : إن الحديث ليس من حديث عائشة وأنه لايعلم أن عائشة كانت تقدم صيام الست على القضاء وأننا لانقدر اثبات ذلك إلا بنص صحيح صريح 
الجواب : نعم وهمت حفظني الله في نسبة الحديث لعائشة وأنما جاء عن أبي أيوب الانصاري وعن جابر بن عبدالله وعن ثوبان رضي الله تعالى عنهم جميعا وأما عن كونه لايعلم أنها كانت تقدم صيام الست على صيام القضاء ، فهذا صحيح فنحن لانملك دليلا صريحا في ذلك وإنما دليلنا من قولها : إنها كانت لاتقضي رمضان إلا في شعبان لمكان النبي صلى الله عليه وسلم منها وعليه فنحن بين أمرين : 
الأول : أن عائشة كانت لاتصوم النوافل أبدا لا الاثنين والخميس ولا الثلاثة من كل شهر بل ولا حتى عاشورا وعرفة ؛ وهذا يلزم من قال بلزومية تقديم قضاء الفريضة على التنفل وبعضهم التزم به وعلل أن خدمة زوجها أهم من النوافل 
الثاني : أنها كانت تتنفل النوافل التي يخشى فواتها كالست من شوال وعاشورا وعرفة لأن وقتها ضيق بينما وقت القضاء واسع وهذا من ضمن الذي بنينا عليه ترجيحنا ومما يدل عليه أيضا أنه ثبت عنها كما في الموطأ ( 836 ) أنها كانت تصوم عرفة !! والسؤال الموجه لمن ينكر أنها صامت الست لأنه لايمكن أن تقدم الست وهي نفل وهي لا تقضي رمضان إلا في شعبان وهو فرض ، نقول لهم : كيف صامت عرفة وهو نفل مع أنها قالت إنها لاتصوم قضاء رمضان إلا في شعبان وهو فرض ؟ أليس هذا دليل قاطع وبرهان ساطع أنها ترى تقديم النفل على الفرض من هذا النوع ؟
فإن كان الجواب نعم وهو كذلك قسنا عليه الست أيضا من باب ظننا الحسن بجنابها الكريم أنها امرأة مبادرة لفعل الخير سباقة إليه قبل فواته وإنما قدمت النافلة لأن وقتها قد يفوت وأخرت قضاء رمضان ؛ لأن وقته واسع .. والله أعلم 
3- المأخذ الثالث : ذكر شيخنا حفظه الله قولي : بأن الزامها بالقضاء في شوال فيه تضييع لرخصة الله تعالى لها الممتدة الى ماقبل رمضان الآخر وفيه مشقة عليها ، وعلق عليه بقوله : هذا القول غير صحيح لأن العبادة كلها منوطة بالإستطاعة والمشقة تجلب التيسير فمن كان قادرا على القضاء وصيام الست فذاك وإلا " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وهذه الألفاظ من بنيات الكاتب واستنباطاته وليس من كلام السلف رحمهم الله اهـ 
الجواب : لا أحد ينكر أن الله تعالى جعل مهلة القضاء واسعة في قوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ولاشك أن هذه المهلة ممتدة إلى شعبان قبل رمضان القادم أي سنة كاملة فلايصح أن نقول لمن أراد صيام أي يوم مشروع في الدين أن فعله غير صحيح حتى يقضي الواجب ؛ لأن هذا القول يجعلنا لانستشعر رخصة الآية العظيمة فالله سبحانه وتعالى شرع لنا صيام عاشورا وعرفة وشرع لنا مهلة قضاء رمضان إلى ماقبل رمضان الذي بعده ولاشك أن عاشورا وعرفة وقته قصير يفوت والقضاء وقته طويل لايفوت فهل نضيع الذي يفوت بحجة أننا لم نقض الذي لايفوت مادمنا في وقته المشروع ؟ ولايظن ظان أن هذا استدلال عقلاني بل هو مؤيد بالآية السابقة وهو مأخوذ منها 
وأما قول الشيخ حفظه الله : هذا القول غير صحيح لأن العبادة كلها منوطة بالإستطاعة والمشقة تجلب التيسير فمن كان قادرا على القضاء وصيام الست فذاك وإلا { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }
فالجواب عليه من وجوه :
الأول : دام أن العبادة منوطة بالاستطاعة فنحن نستطيع تقديم الست على القضاء ومشقة تقديم القضاء على الست هي من ترجيح المانعين وليست من الشرع فالشرع ليس فيه مشقة ولايوجد دليل صريح الدلالة على منع تقديم الست وغاية مافي الأمر أننا نقول لايحصل على أجر الدهر الا بعد قيامه بالقضاء وإن قدم الست عليه فالمهم هو اكتمال صيام [ 36 ] يوما قدم القضاء أو قدم الست كما سأبين ذلك في الخاتمة بإذن الله 
الثاني : أن تنزيل الآية { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } في مسألتنا لاشك أن الأولى والأحرى في تنزيلها هو تقديم الست على القضاء ؛ لأن وسع الناس تقديم الأسهل والأيسر ولاشك أن صيام ست أيسر من صيام ست ومثلها معها في وقت ضيق ومع ذلك فالأمرين من الاجتهاد والراجح عند كل مجتهد هو من وسعه الذي وصل إليه 

الخاتمة : لماذا كان كصيام الدهر 
قال ابن خزيمة رحمه الله ( 3 / 298 ) : باب : ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما أعلم أن صيام رمضان و ستة أيام من شوال يكون كصيام الدهر إذ الله عز و جل جعل الحسنة بعشر أمثالها أو يزيد إن شاء الله جل وعز ، ثم ساق بسنده عن ثوبان : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ صيام رمضان بعشرة أشهر و صيام الستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة يعني رمضان و ستة أيام بعده ] 
قال الامام النووي رحمه الله ( 8 / 56 ) : قال العلماء وانما كان ذلك كصيام الدهر لان الحسنة بعشر امثالها فرمضان بعشرة أشهر والستة بشهرين وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي اهـ 
قال الامام الألباني رحمه الله في الارواء ( 4 / 107 ) : 
ويزداد الحديث قوة بشواهده وهي كثيرة : فمنها عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا به نحوه وزاد : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) . أخرجه ابن ماجه ( 1715 ) والدارمى والطحاوي ( 3 / 119 ، 120 ) وابن حبان ( 928 ) والبيهقي ( 4 / 293 ) وأحمد ( 5 / 280 ) والخطيب في ( تاريخ بغداد ) ( 2 / 362 ) من طرق عن يحيى بن الحارث الذماري عن أبى أسماء الرحبي عنه . ولفظ الطحاوي : ( جعل الله الحسنة بعشرة فشهر بعشرة أشهر وستة أيام بعد الفطر تمام السنة ) . وهكذا أخرجه ابن خزيمة في ( صحيحه ) كما في ( الترغيب ) ( 2 / 75 ) وإسنادهم جميعا صحيح اهـ 
قلت : إذا فالسر في ذلك أن الحسنة بعشرة أمثالها وعليه فلاشك أن أجر الدهر لايكون إلا باكتمال [ 36 يوما ] له أن يبدأ بالقضاء أو بالست بل من نظر في الحديث بعين الفقه المدركة علم أن صيام أي [ 36 يوما ] من السنة كان كصيام الدهر ؛ لأن الحسنة بعشرة أمثالها ومن قال بخلاف ذلك فقد خالف الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونحن انما نقول بالقيام بها في شوال عملا بقوله : ( ثم أتبعه ستا من شوال ) وإلا فالذي نعتقده أنه حتى من صام ستا من ذي القعدة أو ذي الحجة أو من أي يوم مشروع غير منهي عنه فقد دخل في الحديث وجاء ذكر شوال إما لحكمة جهلناها أو من باب المبادرة للفعل والأظهر هو كون ست مع رمضان تكون كصيام الدهر بأجر فرض وليس نافلة بينما من صام [ 36 يوما ] من غير رمضان كانت كصيام الدهر بأجر نافلة ، وهذه هي الفضيلة العظيمة في هذا الحديث 
وعلى قولنا أن كل [ 36 يوم ] هي كصيام الدهر والتفريق بين الست مع رمضان أو مع غيره هو ما سبق ، ومما يدل على ذلك أيضاً حديث : ( من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كصيام الدهر ) وثلاثة أيام من كل شهر مجموعها [ 36 × 10 = 360 ] أي سنة كاملة ، وهكذا رمضان وبعده ست من شوال مجموعها أيضاً [ 36 يوم ] إذا فأي [ 36 ] يوم من أيام السنة هي كصيام الدهر ؛ لأن الحسنة بعشرة أمثالها ومن أدلة ذلك رواية ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثوبان : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : صيام رمضان بعشرة أشهر و صيام الستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة قال ابن خزيمة أو الراوي : يعني رمضان و ستة أيام بعده ، قلت : فقال الستة أيام ولم يخصها بشوال فدل على صلاحية أي ست !!  وصحح العلامة الألباني في صحيح الجامع ( 2135 ) الحديث بلفظ : ( من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ) { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } فقال بعد الفطر ولم يحدد شوال دل على صلاحيتها في أي شهر أو موزعة بين الشهور ويدل على صلاحية هذا الآية المذكورة .. وبالله التوفيق
قال الامام ابن مفلح رحمه الله في الفروع ( 5 / 86 ) : ويتوجه احتمال تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال وفاقا لبعض العلماء ،  ذكره القرطبي ؛ لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها كما في خبر ثوبان ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده رخصة والرخصة أولى . ويتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها وقضى رمضان وقد أفطره لعذر ولعله مراد الأصحاب وما ظاهره خلافه خرج على الغالب المعتاد والله أعلم اهـ 
قلت : وخلاصة كلام ابن مفلح في نقطتين 
الأولى : أن فضيلة صيام الدهر قد تحصل بصيام الست من شوال أو من غير شوال وفقا لكون الحسنة بعشرة أمثالها 
الثانية : أن من قدم الست على القضاء قد تحصل له الفضيلة بعد القضاء في غير شوال في حال كان فطره بعذر 
وقال العلامة سليمان البجيرمي الشافعي في حاشيته على الخطيب ( 3 / 155 ) : 
قوله : ( كصيام الدهر ) أي فرضاً ، أي ثوابه كثواب الفرض وإِلا لم يكن لخصوصية رمضان وستة من شوال معنى ، إذ من صام شهراً غير رمضان مع ستة من غيره يحصل له ثواب الدهر أي السنة ، لأن الشهر بعشرة أشهر والستة أيام بشهرين ؛ لأن كل يوم بعشرة ؛ لأن الحسنة بعشرة أمثالها . وحاصله أن من صامها مع رمضان كل سنة يكون كصيام الدهر فرضاً بلا مضاعفة ، ومن صام شهراً وستة غيرها كذلك يكون كصيامه نفلاً بلا مضاعفة اهـ 
قلت : ولهذا يخطئ الكثير من الناس حين يصومون خمسا من شوال وينتهي الشهر في التاسع والعشرين قبل أن يكملوا اليوم السادس فيظنون أنهم قد حرموا أجر الدهر والصواب في هذه الحالة أنهم كمن صام الدهر إلا عشرة أيام .. والله أعلم 
وبهذا القدر أكتفي وأسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت للصواب في الترجيح والصواب في التوضيح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله 

كتبه أخوكم 
أبو العباس أنور الرفاعي 
اليمن السعيد 
3 / شوال / 1439 هـ