✒ الدرس السابع عشر
📚 من دروس
كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد
لمحمد بن عبدالوهاب رحمه الله
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
✒ قال المؤلف رحمه الله
🔵 وعن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة. قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع. ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد .
إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ثم نهض فدخل منزله. فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه فأخبروه، فقال: (هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: (أنت منهم) ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: (سبقك بها عكاشة).
💥 الشرح
☄ سبق بيان هذا الحديث وعُلمت مناسبته للباب وذلك أن من الناس من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب .
🔴 والسبب في ذلك تحقيقهم للتوحيد بعلامة أنهم
" لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون "
🔴 وهذا الحديث فيه من الفوائد العظيمة الخير الكثير
🔵 وقد جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنه
🔴 وذكر المؤلف رحمه الله الحديث مع ما سبقه من المباحثة العلمية التي ذكرها حصين بن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفى رحمه الله
☄ وهو ثقة، مات سنة ست وثلاثين ومائة، وله ثلاث وتسعون سنة.
🔴 وكانت هذه المذاكرة بينه وبين سعيد بن جبير الإمام الفقيه الذي لازم ابن عباس، رضي الله عنهما
🔵قال سعيد بن جبير
" أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ "
أي: سقط البارحة والبارحة يقصد بها أقرب ليلة مضت
🔵 قال حصين بن عبد الرحمن أنا، ثم قال: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت "
☄ قال هذا مباشرة حتى لا يفهم السامعون أنه ذاك الوقت كان يصلي فيحمدونه بما لم يفعل
⭕ وفي هذا أن السلف كانوا يخافون على أنفسهم من المدح .
🔵 قال : " ولكني لدغت"
قالوا لدغته عقرب أو غيرها، والظاهر أنها شديدة؛ لأنه لم ينم منها.
🔵 قال سعيد بن جبير :
فما صنعت؟ قال : ارتقيت
📚 في رواية مسلم:
"استرقيت"؛ أي طلبت الرقية.
🔵 قال: فما حملك على ذلك؟ قال : حديث حدثناه الشعبي،
🔴 والشعبي: هو عامر بن شراحيل الهمداني ولد في خلافة عمر، وهو من ثقات التابعين وفقهائهم مات سنة ثلاث ومائة.
☄ قال سعيد وما حدثكم؟ قال حصين بن عبد الرحمن :
🔴 حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة.
🔴 وبريدة بن الحصيب هو ابن الحارث الأسلمي، صحابي شهير. مات سنة ثلاث وستين
🔵 وقوله :
" لا رقية إلا من عين أو حمة " .
والعين قيل أنها نظرة من حاسد، نفسه خبيثة، تتكيف بكيفية خاصة فينبعث منها ما يؤثر على المصاب .
⭕ قلت :
وقد لا تكون من حاسد فقد تكون من معجب نفسه غير خبيثة بذلك
🔵 كما في حديث عامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف:
وقال له النبي صلى الله عليه وسلم
"هلا بركت عليه"
قوله " أو حمة "
والحمة تطلق على اللدغة التي تسبب الحمى للإنسان
☄ قال سعيد: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
⭕ وفي هذا دليل على أن السلف رضي الله عنهم كانوا يتحاورون حتى يصلوا إلى الحقيقة، فسعيد بن جبير لم يقصد الانتقاد إنما قصد الاستفهام ويعرف مستند هذا القول بدليله
☄ لذا قال " قد أحسن من انتهى إلى ما سمع "
ثم قال : ولكن
🔵 حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: (عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ".
🔴 وابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -. دعا له فقال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل "
فكان كذلك.
مات بالطائف سنة ثمان وستين.
🔵 قوله:
"عرضت علي الأمم"، العارض لها الله - - سبحانه وتعالى -
☄ واختلف أهل العلم عن هذا العرض فمنهم من قال كان في المنام عرضها عليه ومنهم من قال في ليلة الإسراء .
⭕ والأمم:
جمع أمة وهي أمم الرسل.
⭕ والرهط
"يطلق على الثلاثة إلى التسعة.
🔵 " والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد"
⭕ بمعنى أنهم بعثوا إلى أقوامهم وأقاموا عليهم الحجة فلم يستجيب لهم إلا الرجل والرجلان ومنهم من دعا ولم يتبعه أحد
فيحشر يوم القيامة وحده
⭕ وفي هذا فائدة على أن المستقيم لا يستوحش من القلة فقد يأتي النبي وليس معه أحد فهو على الحق ومخالفيه كلهم على الباطل
⭕ وفي هذا أيضا أن الكثرة المخالفة ليست حجة .
🔵 وكما قال الله تعالى
{ولكن أكثر الناس لايعلمون }
{ ولكن أكثر الناس لا يشكرون }
{ وقليل من عبادي الشكور }
⭕ وفي هذه الآيات ذم للكثرة المخالفة للحق
ومدح للقلة والثلة المباركة
☄ فلا تستوحش أيها السالك على الصراط المستقيم من قلة السالكين على الحق
فلربما كنت أمة وحدك
☄وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الغرباء
🔵 بقوله
" طوبى للغرباء قيل : ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم "
📚 رواه أحمد والطبراني
🔵 من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص
🔴 وصححه الألباني في
📚 الصحيحة
برقم (١٦١٩ )
📚 وفي صحيح الجامع
برقم (٣٩٢١ )
📚 وفي صحيح مسلم
🔵 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء »
🔵 قال:
"إذ رفع لي سواد عظيم"
⭕ والسواد : ذات الشخص الذي يُرى من بعيد
وسُمي سواد عظيم لكثرتهم
🔵 قال :
"فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه"،
⭕ وفي هذا دليل على كثرة أتباع موسى - عليه السلام - وقومه الذين أرسل إليهم.
🔵 قال :
"فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك"
⭕ وهذا أعظم من السواد الأول؛ لأن أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر بكثير من أمة موسى - عليه السلام -.
☄ بل
" ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب"
⭕ أي: لا يعذبون ولا يحاسبون كرامة لهم، وظاهره أنه لا في قبورهم ولا بعد قيام الساعة وهذه خاصة بهذه الأمة
🔵 فقد جاء من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بلا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا و ثلاث حثيات من حثيات ربي"
📚 رواه أحمد والترمذي وابن حبان
🔴 وصححه الألباني
📚 وانظر صحيح الجامع
برقم ( ٧١١١ )
🔵 وجاء من حديث ثوبان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا "
📚 رواه أحمد في مسنده
وصححه الألباني
📚 في صحيح الجامع برقم (٥٣٦٦)
📚 والصحيحة
برقم (٢١٧٩ )
🔴 مما يدلك على فضل هذه الأمة وأن هذه المزية خاصة بها .
نسأل الله أن يجعلنا ممن يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب
🔴 وللحديث بقية وعذرا على الإطالة
🔴 نكتفي بهذا القدر
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه والحمدلله