الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

تتبع الزلات والعثرات من سمات المفسدين والمفسدات

بسم اللــــه الرحمـــــــــن الرحيم

نصيحة قيمة لشيخنا المبارك أبي عبد الله محمد بن علي بن حزام الفضلي البعداني حفظه الله ورعاه ونفع به الإسلام والمسلمين.
                   وهي بعنوان
            تتبع الزلات والعثرات
    من سمات المفسدين والمفسدات

قال الشيخ محمد بن حزام الفضلي البعداني حفظه الله

قال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله تعالى : قال أبو داود رحمه الله
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عبدالله بن محمد بن ابراهيم بن عثمان : قال أخبرنا أبو معاوية محمد بن خازم الضرير-  عن الأعمش سليمان بن مهران عن زيد بن وهب :{ قال أوتي ابن مسعود فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمرا فقال عبد الله إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به}  .

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

قال الشيخ محمد بن حزام حفظه الله ورعاه وسدده .

مع أنهم قد وجدوا في لحيته الخمر يقطر مع ذلك لم يروا الشرب منه فلم يقبل عبد الله بن مسعود ذلك حتى يشهد شاهدان أنهم رأوه يشرب الخمر ولم يرض لنفسه أن يجعل عليه من يتجسس عليه .

وهذا يدل على حكمٍ عظيم أن المسلم لايُتجسس عليه حتى يظهر منه الشر، { وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ } [ الحجرات: ١٢]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا ولا تجسسوا وإياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) .

فتتبع عورات المسلم هو التجسس المنهي عنه - يتتبع وينظر هل يقع في العيب أو لا هذا هو التجسس- تتبع العورات والمراقبة لعله يظفر بعيب هذا هو التجسس، النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لاتتبعوا عورات المسلمين فإنه من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يوشك أن يفضحه ولو في جوف رحله ) أخرجه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه .

التجسس محرم، وتتبع عورة المسلم محرم، المسلم مأمور بستر أخيه حتى وإن ظهر منه العيب فينصحه فيما بينه وبينه ويستر عليه عورته - قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لايستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال ( من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله يوم القيامة ) أخرجه مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه.

فإذا كنت مأموراً بستر عورته إذا ظهرت، وعدم فضحه !!! فكيف بأن تتبع عورته وتفضحه -  هذه خصلة من خصال المنافقين {  إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ} [ النور : ١٩]

إظهار العيوب ونشرها بين الناس خصلة من خصال المنافقين، فإذا كنت مأموراً بستره فكيف يحصل العكس !!! - الفضح والنشر للعورات - نعوذ بالله - خصلة من خصال المنافقين يجب على المسلم أن يتورع من الوقوع في هذه الخصلة الذميمة، إلا أن يكون العيب فيه ضررٌ على الناس - يكون هذا العيب ضرره متعدياً إلى الناس - كأن يغش في المعاملات ويخدع فيحتاج إلى بيان حتى لا يُوقِع الناس في الغرر، أو العيب يتعدى إلى أناسٍ فيغرهم في دينهم كالمبتدع والضال - هذا عيبه ليس مقصوراً على نفسه فينصح إما أن يرجع عن عيبه وعن خطئه وعن معصيته وإلا فيبين للناس ما عنده من الخطأ نصحاً لله ونصحاً لدين الله - البيان واجب لأنه سيحصل من ذلك الفساد في الدين - هذا من قد ظهر منه شيء من هذه الأمور - مخالفات شرعية بدع ضلالات يدعو الناس إليها أو يغر الناس بشيءٍ من دينهم أو من دنياهم وجب أن يبين للناس وهذا من النصيحة وليس من الغيبة لأنه قد ظهر الأمر، ولا يُتتبع وحاله مستور -  لا يتتبع المسلم قال ابن مسعود إن يظهر لنا شيء نأخذ به - 
أما إن وجدت قرائن تدل على أنه قد يُحدث شيئاً يضر بالمسلمين فلابأس أن يُؤخذ الحيطة منه لعموم قوله تعالى{ وخذوا حذركم }.
رجلٌ قد وجدت عليه قرائن سيئة ويُخشى أن يحدث ضرراً متعدياً فنعم يؤخذ منه الحيطة لقوله تعالى { وخذوا حذركم }

ومما ينبغي للناس أن يحذروا منه أن يزين لهم الشيطان تتبع عيوب المسلمين وهم لم يَظهر منهم شيء فيبقى يتتبعه أو يُرسل عليه من يسأله عسى أن يظفر بشيءٍ فيجعله سبباً في تحذير الناس منه أو في تشويهه عند الناس - هذه الخصال ذميمة نسأل الله العافية، وما أحسن ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه( إن يظهر لنا شيء نأخذ به )، ومثله قول عمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري ( إن الناس كانوا يؤخذون بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع وإنما نؤاخذكم اليوم بما ظهر لنا منكم فمن أظهر لنا خيراً أمِنَّاه وقربناه وليس لنا من سريرته شيءٌ الله يحاسبه في سريرته ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نقربه وإن قال إن سريرته حسنة )، فنحن لنا الظاهر.
وأناس شغلهم الشيطان بتتبع عورات المسلمين ونشرها نشراً كبيراً حتى على صفحات الأنترنت وعلى الشبكات، نعوذ بالله !!! مع أنها عيوب خاصة بهم لا تضر دعوة وليسوا أيضاً ممن يحصل منهم الضرر على السنة وعلى الخير وعلى أهل السنة ولكن صار بعض الناس يحب نشر العيوب ونشر الفضائح.
هذا مرض ابتلي به كثير من الناس عليهم أن يتوبوا إلى الله عزوجل من ذلك عليهم أن يتوبوا إلى الله جل وعلا من هذا المرض - وصار بعضهم كأنه يتمنى الزلة من أخيه المسلم فيُسارع بنشرها - يصير حاله كحال من يصبح متمنياً الزلة - الإنسان يصبح يقول اللهم استرنا واستر عوراتنا وآمن روعاتنا وهذا حاله اللهم يسر بزلة من أجل أن يكتبها وينشرها !!! نسأل الله العافية، فما أشد فرح بعضهم بزلات المسلمين وزلات إخوانه، وبعدها يحتاج إلى فترات طويلة لبيان الحق فيها وأن الأمر فيها ليس كذلك وأنها ليست بصحيحة يحتاج إلى وقت، هذه يشملها الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق - الذي ينشر الكذب وينشر الزلات - هذا يحصل فيه فسادٌ عريض - في مثل هذه الأيام مع توفر هذه الوسائل الحديثة ما ستكون الكذبة محصورة على بلدة معينة ولا قرية معينة - تبلغ الآفاق ما تستطيع أن تدركها -  تنتشر في كل مكان - نسأل الله العافية !!! كم يبوء بإثمها  حتى ولو كانت حقاً وهي حصلت خطأ من المسلم حصلت له زلة وخطة يعالج وينصح ولايسارع بنشرها بين الناس وفضحه ولو كانت حقاً، فما بالك لو كانت مأخوذة على غير وجهها أو فيها تحامل أو كانت كذباً واضحاً !!!! كم سيبلغه من الآثام عند أن ينشر خلاف الحق أو يفضح المسلم في جميع بقاع الأرض - عند جميع أهل السنة في أقطار الأرض فكيف يبوء بهذا الإثم العظيم !!!! فبعضهم مايبالي ؛!! همه أن يجد الكلمة ويرمي بها، النبي صلى الله عليه وسلم يقول( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع )، وجاء أيضاً موقوفاً وقد أعل المرفوع جاء أيضاً موقوفاً عن ابن عمر وابن مسعود - أي لو لم يكن عنده من الكذب إلا أنه يحدث بكل ما سمع لكفاه أن يقع في الكذب العظيم.

فالحذر الحذر وإخواننا أهل السنة يحرصون على نشر الخير ونشر العلم والفوائد العلمية وأما الكلام في فلان وفلان فالحذر من ذلك لايُحذَّر إلا من حذر منه أهل العلم الذين عرفوا بالعلم والإمامة في الدين والورع لايتكلمون إلا عن ورع وخوف من الله سبحانه وتعالى - لا تشهياً ولا رغبةً فيه إنما خوف من الله سبحانه وتعالى - يحذرون نصيحة للدين في أضرارٍ متعدية على المسلمين.

هل رأيتم إماماً من الأئمة يتكلم بأمور شخصية بينه وبين أخيه !!!! ؟؟ مانجد، الأئمة ما يتكلمون إلا نصحاً للدين لا انتقاماً لنفسه إنما يخافون الله سبحانه وتعالى بسكوتهم عن الباطل ولذلك كل شرٍ حذر منه أئمة الدين إنما هو من الشرور المتعدية من البدع والضلال والأمور المخالفة للشرع مما ضررها يتعدى على الناس -  فيبينون نصحاً لدين الله سبحانه وتعالى - يبينون ذلك نصحاً لله ونصحاً لدين الله جل وعلا، فلنكن من عباد الله المصلحين لا من المفسدين{ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [ الأعراف:١٧٠]، فلنكن من المصلحين الذين أثنى الله عزوجل عليهم .

ومن رأيته يتتبع العورات فازجره أو رأيته يفرح بزلة أخيه المسلم وينشرها فازجره عن ذلك ولا تعينه على نشر الزلات، كل الناس تقع منهم الأخطاء والزلات، فإذا كان كلما حصل خطأ أو زلة سارعنا بنشرها بين الناس أفسدنا في دعوتنا وأفسدنا في أوساط أهل السنة والجماعة وفرقنا الناس، والله المستعان.

وأهل السنة والجماعة يقولون ما يعتقدونه ليس عندهم شيء يخفونه، ما يعتقدونه في قلوبهم يقولونه في دروسهم يقولونه في خطب الجمعة  ليس عندهم أسرار وليس عندهم إظهار لأمور يكتمون خلافها - أهل السنة صريحون ما يعتقدونه في قلوبهم يقولونه في دروسهم وفي خطبهم، فلا يحتاجون إلى أن يجعلوا عليهم جواسيس ومخابرات، هذه غفلة - أهل السنة دعاة خير للناس مايحتاج إلى أن تتجسس عليهم - اجلس معه مجلساً واحداً واسأله عن ما في نفسك يجيبك - مايخفي شيئاً، مايحتاج إلى جواسيس ومخابرات يتتبعون عليهم .

النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من تسمع حديث قومٍ وهم له كارهون صب في أذنه الآنك يوم القيامة ) رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، والآنك هو الرصاص المذاب، إذن وقعتَ في كبيرة من الكبائر عند أن تتجسس على أخيك المسلم - تريد أن تسمع منه عيباً وتذهب تنقله إلى غيرك - هذا تجسس وإن سميتها مخابرات فهو من التجسس المحرم ويشملك الحديث ( من تسمع حديث قومٍ وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ) كبيرة من كبائر الذنوب، فمابالك لو كان ينقل كذباً وزوراً وبهتاناً ويقع أيضاً في البهتان، فهو جاسوس وكذاب ومتقول بالباطل والكذب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من قال في مؤمن ماليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال ) رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنه وردغة الخبال عصارة أهل النار أي قيحهم وصديدهم وعرقهم { ولا طعام إلا من غسلين ) صديد أهل النار

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله أنت أستغفرك وأتوب إليك

            📓📓٦٦١📓📓

       والحمـــــد للّه رب الـعالـمين
_________________________
للاشتراك في قناة :-
فتاوى الشيخ الفقيه محمد بن حزام
على التلجرام :-  ibnhezam@
على الواتس اب :- 00967772778999