آثار الصحابة رضي الله عنهم في وجوب الصبر على الأئمة والحكام والأمراء وتحريم الخروج عليهم باللسان والسنان (السيف) وبراءة الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين من طريقة الخوارج المارقين
*مقدمة :*
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
*فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.*
*فمن اتبع عقيدة ومنهج السلف الصالح الجماعة وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم الصالح ولم يخرج عنها إلى الفرق الثنتين وسبعين فهو من الفرقة الناجية وهي الطائفة المنصورة وهم أهل السنة وهم أهل الحديث والأثر وهم السلفيين سمعتها من شيخنا الإمام إبن باز رحمه الله في درس من دروسه بالجامع الكبير بالرياض قال شيخنا رحمه الله : سميت الطائفة المنصورة لأن الله ينصرهم على جميع الفرق المخالفة في الدنيا بسبب تمسكهم بالكتاب والسنة ويفهمون النصوص بفهم الصحابة رضي الله عنهم فهم صحيح على عقيدة ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لذلك ينصرهم الله في الدنيا باللسان وينصرهم بالسيف والسنان كما نصر النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين من بعده ونصر كل من كان متبعا للطائفة المنصورة وسميت بالفرقة الناجية لأنها ستنجوا من خزي الدنيا وعذاب القبر وعذاب جهنم بسبب تمسكهم كذلك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم فالنجاة من الشرك والبدع والمعاصي كان سببا لنجاتهم ونصرتهم في الدنيا والآخرة ومن خالفهم ووقع في البدع وعاداهم كان من الفرق الثنتين وسبعين الهالكة انتهى كلامه رحمه الله*
*ففي هذا العصر فرقة الخوارج المارقة القعدية الذين يحرضون على الخروج ويطعنون في ولاة الأمر بلسانهم وهم أشر من الخوارج القتالية لأنهم هم السبب في إخراجهم لأنهم سببا في تكفير جميع حكام المسلمين وجميع المسلمين الذين يحكمهم هؤلاء الحكام جميعهم عند الخوارج كفار دون تفصيل فيستحلون دمائهم وأموالهم وأعراضهم وبلادهم*
*فلما رد علماء أهل السنة السلفيين على الخوارج المارقين عن سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وكشفوا باطلهم وزيغهم وضلالهم وشبههم لعامة الناس بالأدلة من الكتاب والسنة وفق منهج سلف الأمة وطريقتهم نبزوهم بهذا اللقب جامية وقصدهم علماء وطلبة العلم أهل السنة السلفيين لاتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم في طاعة ولاة الأمر يطيعونهم في المعروف ولا يطيعونهم في المعصية والمنكر ولا يخرجون عليه فالخوارج في هذا العصر يريدون من أهل السنة الخروج باللسان أو السنان السلاح على ولاة الأمر فلما عصى أهل السنة السلفيين فرقة الخوارج المارقين وتمسكوا بالسنة الأحاديث والآثار التي وصانا بها نبينا صلى الله عليه وسلم أن نتمسك بها ونعض عليها بالنواجذ قالوا جامية تنفيرا من عقيدة ومنهج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة أهل الحديث والأثر السلفيين أهل السنة والجماعة وكلها أوصاف ونعوت لمسمى واحد وهم من كان على مثل ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم فاللهم اجعلنا من إخوان النبي صلى الله عليه وسلم الذين صدقوا به ولم يروه كما ورد ذلك في الحديث الصحيح واجعلنا من التابعين لأصحابه بإحسان ولا تجعلنا من الفرق الثنتين وسبعين الهالكة التي حذرنا منها صلى الله عليه وسلم وثبتنا على السنة وأمتنا عليها ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وأزواجه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..*
*وهذه الآثار تحكم بين أهل السنة السلفيين والخوارج المارقيين فهل سيقولون عن الصحابة رضي الله عنهم ماقالوه عن أهل السنة في هذا العصر لأنهم متبعين للصحابة في عقيدتهم ومنهجهم في طاعة ولاة الأمر بالمعروف وترك الخروج على أئمة الجور الظالمين فهذا ما جاء عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم.*
*أولاً: ما جاء عن سويد بن غفلة رحمه الله قال: قال لي عمر بن الخطاب رضيالله عنه: "لعلك أن تخلَّف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبدا حبشيا وإن ضربك فاصبر وإن حرمك فاصبر، وإن دعاك إلى أمر منقصة في دينك فقل سمعاً وطاعة دمي دون ديني ولا تفارق الجماعة" رواه نعيم بن حماد في الفتن، وابن أبي شيبة في مصنفه، والخلال في السنة، والآجري في الشريعة، وابن أبي زمنين في أصول السنة وغيرهم.*
*ثانيا: عن أبي البختري رحمه الله قال: قيل لحذيفة: ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن، ولكن ليس من السنة أن ترفع السلاح على إمامك" رواه نعيم بن حماد في الفتن، وابن أبيشيبة في مصنفه، والبيهقي في شعب الإيمان.*
*ثالثا: ما قاله ربعي بن حراش: انطلقت إلى حذيفة بالمدائن ليالي سار الناس إلى عثمان، فقال لي: "يا ربعي ما فعل قومك؟" قال قلت: عن أيهم تسأل؟ قال: "من خرج منهم إلى هذا الرجل" قال: فسميت رجالا ممن خرج إليه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله ولا حجة له عنده" رواه أحمد. والحاكم في مستدركه وصححه ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات.*
*رابعا: عن سعيد بن جمهان قال: أتين عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟ فقلت له: أنا سعيد بن جمهان، قال: ما فعل والدك؟ قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنهم كلاب النار" قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلهم؟ قال: بل الخوارج كلها، قلت: فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم، قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثم قال: "ويحك يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم إن كان السلطان يسمع منك فأته في بيته فأخبره بما تعلم فإن قبل منك وإلا فدعه فإنك لست بأعلم منه" رواه أحمد، وقال الهيثمي ورجال أحمد ثقات، وحسن إسناده الألباني في ظلال الجنة.*
*خامسا: عن أبي غالب أن أبا أمامة رضي الله عنه أخبره: أن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وهذه الأمة تزيد عليها بواحدة، كلها في النار إلا السواد الأعظم وهي الجماعة. قلت: قد تعلم ما في السواد الأعظم وذلك في خلافة عبد الملك بن مروان، فقال: "أما والله إني لكاره لأعمالهم ولكن عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم، والسمع والطاعة خير من الفجور والمعصية" رواه محمد بن نصر المروزي في السنة.*
*سادسا: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نسب أمرانا ولا نغشهم ولا نعصيهم وأن نتقي الله ونصبر فإن الأمر قريب" رواه ابن أبي عاصم في السنة، والأصفهاني في الحجة، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عبد البر في التمهيد. قال الألباني: إسناده جيد.*
*سابعا: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة" رواه الآجري في الشريعة وابن بطة في الإبانة وابن عبد البر في التمهيد.*
*ثامنا: عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: لما خرج أبو ذر إلى الربذة لقيه ركب من أهل العراق فقالوا: يا أبا ذر قد بلغنا الذي صنع بك، فاعقد لنا لواء يأتيك رجال ما شئت، قال: مهلا، مهلا يا أهل الإسلام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون بعدي سلطان فأعزوه، ومن التمس ذله ثغر ثغرة في الإسلام ولم يقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت" أخرجه أحمد في مسنده، وابن أبي عاصم في السنة، قال الألباني: إسناده صحيح.*
*تاسعا: عن ابن عمر رضي الله عنهما لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة" وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرا أعظم من أن أبايع رجلا على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه. أخرجه البخاري.*
*قال بن حجر رحمه الله: وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه وأنه لا ينخلع بالفسق.[فتح الباري]*
*قال بن حجر رحمه الله: وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه وأنه لا ينخلع بالفسق.[فتح الباري]*
*العاشر: عن ابن عمر رضي الله عنهما لما بلغه أن يزيد بويع له قال: "إن كان خيرا رضينا وإن كان شرا صبرنا" رواه ابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي زمنين في أصول السنة.*
*الحادي عشر: ما جاء عن أنس رضي الله عنه لما شكوا له الحجاج قال: "اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه ..." رواه البخاري.*
*إجماع أهل السنة والجماعة على هذه المسألة*
*أولا: يقول الإمام البخاري رحمه الله ناقلاً إجماع اهل العلم على ذلك: لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم، أهل الحجار ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر، لقيتهم كرات قرناً بعد قرن ثم قرناً بعد قرن ..... إلى أن قال: وأن لا ننازع الأمر أهله .. إلى آخر كلامه رحمه الله. انظر [شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/173/176)*
*ثانياً: قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل وحكي عن المعتزلة أيضاً فغلط من قائله مخالف للإجماع. [المنهاج 12/432]*
*قال القاضي عياض رحمه الله: وقال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك.*
*قال: وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع.* *قال: ورد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة ... إلى أن قال: وقيل إن هذا الخلاف كان أولا، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم والله أعلم.* [المنهاج12/433]
*نص الإمام حرب صاحب الإمام أحمد فقال: وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، قال: وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم ممن جالست وأخذنا عنهم العلم وكان من قولهم: والجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والجمعة والعيدان والحج مع السلطان وإن لم يكونوا بررة عدولا أتقياء ... إلى أن قال: والانقياد لمن ولاه الله عز وجل أمركم لا تنزع يدا من طاعة ولا تخرج عليه بسيف حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا ولا تخرج على السلطان وتسمع وتطيع ولا تنكث بيعته فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة. اهـ*
*قال ابن أبي حاتم رحمه الله: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك؟ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم: ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يدا من طاعة ونتبع السنة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة.اهـ
*قال: وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع.* *قال: ورد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة ... إلى أن قال: وقيل إن هذا الخلاف كان أولا، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم والله أعلم.* [المنهاج12/433]
*نص الإمام حرب صاحب الإمام أحمد فقال: وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، قال: وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم ممن جالست وأخذنا عنهم العلم وكان من قولهم: والجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والجمعة والعيدان والحج مع السلطان وإن لم يكونوا بررة عدولا أتقياء ... إلى أن قال: والانقياد لمن ولاه الله عز وجل أمركم لا تنزع يدا من طاعة ولا تخرج عليه بسيف حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا ولا تخرج على السلطان وتسمع وتطيع ولا تنكث بيعته فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة. اهـ*
*قال ابن أبي حاتم رحمه الله: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك؟ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم: ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يدا من طاعة ونتبع السنة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة.اهـ