الدرس الثالث والثلاثون من دروس الأربعين النووية
الدرس الثالث والثلاثون
📚 من دروس الأربعين النووية
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
✒️ قال الإمام النووي رحمه الله
💥 الحديث الثامن والعشرون
🔵 عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يارسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا. قال: "أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيري اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة".
📚 رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
💥 الشرح
🔴 هذا الحديث أصل في بيان الاستمساك بتقوى الله والسمع والطاعة ولزوم السنة وطريقة الخلفاء الراشدين والحذر من البدعة.
⭕️ وهو حديث عظيم مشتمل على قواعد عامة ووصايا نافعة جامعة وهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم.
⭕️ وفيه بيان منهج أهل السنة والجماعة
🔵 قوله: ( وعظنا )
🔴 الوعظ : هوالتذكير بما يلين القلب سواء كانت الموعظة ترغيبا أو ترهيبا .
🔵وقوله: "وجلت منها القلوب"
⭕️ أي خافت واضطربت وخشعت
🔵 كما قال الله تعالى:
(الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم)
🔵 (وذرفت منها العيون)
⭕️ كناية عن البكاء لبلاغة الموعظة ولقوة أثرها.
🔵 ( كأنها موعظة مودع )
⭕️ إشارة إلى أن عادة من يودع أصحابه يوصيهم فيكون لوصيته وقع على القلوب.
🔴 فكان مما ابتدأ به أعظم وصية فقال
🔵 " أوصيكم بتقوى "
هذه أعظم وصية وقد وصى الله بها الأولين والآخرين .
🔵 قال جل شأنه:
(ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)
🔴 ومعناها:
طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه على علم وبصيرة.
🔴 كما عرف ذلك الطلق بن حبيب فقال:
« أن تعبد الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك ما حرم الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله».
⭕️ وعرف بعضهم التقوى فقال :
خل الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماشٍ فوق أرض
... الشوك يحذر ما يرى
لاتحقرن صغيرة إن ... الجبال من الحصى .
🔴 والخلاصة هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية.
🔵 قوله:(والسمع والطاعة)
⭕️ أي لولاة الأمر
ولاتكون إلا بطاعة الله وطاعة رسوله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
✒️قال العلامة العثيمين
« خصها بالذكر بعد ذكر التقوى مع أن السمع والطاعة من تقوى الله لأهميتها ولعظم التمرد عليها» أ.هـ
🔵 قوله: «وإن تأمر عليكم »
🔴 معنى تأمر أي أخذها على وجه الغلبة فمن باب أولى من نال الإمارة طواعية ورضا.
🔴 فالولاية الشرعية تكون بهذين الأمرين
🔴 إما بالغلبة والقوة
🔴 وإما أن يختار الإمام العام من يخلفه كما صنع أبو بكر الصديق رضي الله عنه باختياره لعمر الفاروق رضي الله عنه.
⭕️ وإما أن يجعل الأمر موكولا على أهل الحل والعقد يختارون من هو أهلا للإمارة كما صنع عمر رضي الله عنه .
🔴 قال ( عبدٌ ) معلوم أن العبد المملوك لايتأمر لضعفه ولايكون أميرا لكن لو قدر الله أصبح أميرا ومع هذا أخذ الإمارة بقوة وتغلب دون اختيار وجب علي وعليك السمع والطاعة في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
⭕️ولايجوز الخروج عليه مادام مسلما.
🔵 وقوله: "فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا"
🔴 هذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم
✒️ قال ابن دقيق العيد
« أخبر أصحابه بما يكون بعده من الاختلاف وغلبة المنكر وقد كان عالما به على التفصيل ولم يكن بينه لكل أحد إنما حذر منه على العموم وقد بين ذلك لبعض الآحاد كحذيفة وأبي هريرة وهو دليل على عظم محلهما ومنزلتهما»أ.هـ
🔵 قوله «اختلافا كثيرا»
سيكون في العقيدة ، وفي المتابعة ، وغير ذلك.
🔴 وهذا هو الواقع ، حتى طغى الاختلاف وطغت الفتن والشرور على الناس مالم يكن بالحسبان والله المستعان
🔴 لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماترك الناس من غير دواء وعلاج لهذا الاختلاف
⭕️ بل دلهم على العلاج حتى يسلموا من الشر كله ومن وحل الاختلاف والتشرذم
🔵 فقال: "فعليكم بسنتي" أي طريقتي لأن المقصود بالسنة هنا الطريقة القويمة التي تجرى على السنن وهو السبيل الواضح
وفي هذا الأمر بلزوم السنة وجوبا.
🔴 لذا قال الإمام مالك
« السنة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ».
نكتفي بهذا القدر حتى لا يطول بنا المقام على أمل اللقاء بكم في تتمة الحديث
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه والحمدلله