{من أكل بمسلمٍ أكلةً فإنَّ اللهَ يُطعِمُه مثلَهامن جهنَّمَ ، و من كسى برجلٍ مسلمٍ ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يكسوه من جهنَّمَ ، و من قام برجلٍ مسلمٍ مقامَ رياءٍ و سُمعةٍ ؛ فإنَّ اللهَ يقوم به مَقامَ رياءٍ و سُمعةٍ يومَ القيامةِ}
عن المستورد بن شداد الفهري
صحيح الأدب المفرد ١٧٩
شرح الحديث
جعَلَ اللهُ الجزاءَ مِن جِنسِ العَملِ؛ فمَن تكسَّبَ أو جلَبَ لنفسِه نَفعًا بالوُقوعِ في أعراضِ المسلمينَ، فإنَّ اللهَ يفضحُه، وكذلكَ يفعلُ اللهُ بِمَن يُرائي النَّاسَ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "مَنْ أكلَ برَجُلٍ مسلمٍ أكْلةً"، أي: مَن انتفَع أو كسبَ أكلةً نظيرَ أنْ يقعَ في عِرض مُسلمٍ، أو في مُقابلِ أن يُؤذيَه بالقولِ أو الفعلِ، "فإنَّ اللهَ يُطعِمه مِثلَها مِن جَهنَّم"، أي: الجزاءُ مِن جِنسِ العَملِ، فلَه في مقابِلَها طعامٌ مِن النارِ يومَ القيامةِ، ولكن شتَّانَ بينَ طَعامِ جَهنَّمَ وعذابِها وطعامِ الدُّنيا الزائلِ أيضًا، "ومَن كُسِيَ ثَوبًا برجلٍ مسلِمٍ فإنَّ اللهَ يَكسوهُ مِثلَه مِن جهنَّمَ"، أي: مَن كسبَ ثَوبًا أو أخَذَه نَظيرَ أنْ يقعَ في عِرضِ مسلمٍ، أو في مُقابِل أن يُؤذِيَه بالقولِ أو الفعلِ، فإنَّه يُجازَى بمثلِه يومَ القيامةِ مِن النارِ.
"ومَن قامَ برجُلٍ مَقامَ سُمعةٍ ورِياءٍ، فإنَّ اللهَ يقومُ بهِ مَقامَ سمعةٍ ورِياءٍ يومَ القيامةِ"، أي: ومَن وقفَ في موقِفٍ يتَباهَى أمامَ الناسِ، أو لِينظُرَ الناسُ إلى فِعلِه أو قولِه أو نفقتِه أو عَطائِه، ولم يُخلِصْ في هذا كلِّه للهِ؛ ليُثنيَ عليهِ الناسُ، فإنَّ اللهَ يَفضحُه يومَ القيامةِ بنَفْسِ ما فعَلَ. وقيلَ: المعنى أنَّه تظاهَرَ بالصَّلاحِ والتَّقوى أمامَ أحدِ الوُلاةِ وما شابَه؛ ليتكسَّبَ المالَ والجاهَ.
وفي الحديثِ: التحذيرُ مِن الغِيبةِ والنَّمِيمةِ والوقوعِ في أعراضِ المُسلِمين.
وفيهِ: التَّحذيرُ مِن المباهاةِ والرِّياءِ وعدمِ إخلاصِ العملِ للهِ عزَّ وجلَّ.