الجمعة، 23 أبريل 2021

حقيقة تصفيد الشياطين

 حقيقة تصفيد الشياطين

---------

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد: 

اختلف العلماء في حقيقة التصفيد الشيطاني على قولين: 

الأول:  أنه تصفيد 

الثاني:  أنه تصفيد معنوي 

وفي هذه السطور مناقشة مختصرة لهذه المسألة فأقول: 

على قول من يقول:  إن التصفيد معنوي وجعل التصفيد متعلق بالطاعات فمن كثرت طاعاته وتطهر قلبه فصلح ظاهره وباطنه تقيدت الشياطين عنه؛ وذلك أن السيف بحسب ساعد السياف فمن كان ساعده مفتولاً وقوياً كانت ضربته بالسيف قوية وعلى العكس من ذلك فإن قليل الطاعات والمتورط بالسيئات فإن الشياطين تتسلط عليه ولايكون عنده من القوة ما تكفيه لمواجهتها. 

وعلى هذا المذهب يكون المعنى أن الشيطان الواحد مقيد عن فلان وفي نفس الوقت غير مقيد عن فلان الآخر؛ لفارق القوة الايمانية والتحصينية

وهذا القول رغم ظاهر قوته إلا أنه ضعيف بل ضعيف جداً؛ لأن العلة التي ذكروها تصلح في رمضان وفي غير رمضان؛ 

وهكذا من كانت طاعاته كثيرة كانت الشياطين أمامه ضعيفه في رمضان وفي غيره؛ وذلك أنه على قدر قربك من الله تبتعد عنك الشياطين وهذا متأتٍ في رمضان وفي غير رمضان ونحن نريد تفسيراً يجعل التصفيد من خصوصيات رمضان كما هو ظاهر النصوص

ومن هذا المنطلق يتضح أن هذا المذهب فيه ضعف؛ لأن التصفيد الذي ورد في السنة من خصوصيات رمضان فدل أنه صورة خاصة غير متواجدة في غير رمضان أنتج أن أي شرح يعممه لرمضان وغيره فإنه شرح غير صحيح 

ومن نظر للنصوص وجد أن التصفيد جاء مشروطاً مضبوطاً بالتالي: 

1ـ أنه خاص برمضان لقوله: ( إذا جاء رمضان ) دل أنه صورة غير متواجدة في بقية الشهور

2ـ أنه خاص بالشياطين فخرج بذلك الجن الذين ليسوا بشياطين 

3ـ أنه جاء في لفظ تقييدة بمردة الشياطين فدل أنه ليس كل الشياطين تصفد بل مردتها 

4ـ أنه جاء في لفظ تقييده بمردة الجن فيفسر الجن هنا بالشياطين لأن كل شيطان جني وليس كل جني شيطان 


وبهذه الخصوصيات والتقييدات يتضح لنا الضابط للتصفيد وهو :

1ـ أنه لا يشمل عموم الجن والشياطين فخرج بذلك أن بعض الشياطين لا تصفد

2ـ أو أنه على أقل تقدير لايشمل عموم الجن فدخل عموم الشياطين أنها تصفد وخرج بعض الجن أنها لا تصفد حتى وإن كانوا عصاة ومؤذين المهم أنهم لم يبلغوا درجة الشيطنة والتمرد 

 وكاتب هذه السطور يميل للاختيار الأول لرؤيته أنه أقرب للنصوص

وعليه نخلص لنقاط: 

الأولى:  أن التصفيد من خصوصيات رمضان 

الثانية:  أن التصفيد حسي وليس معنوي ولا يمنع أن يكون معنوي بشرط أن يكون حسي أساساً

الثالثة:  أن الطاعات والقرب من الله تجعل الشياطين ضعيفة أمام أصحابها في رمضان وفي غيره ولامانع من وصف ضعفهم بأنهم مقيدون ولكن ليس هو هذا التصفيد المخصوص برمضان

الرابعة:  أنهم تصفيدهم في رمضان ليس بسبب طاعات العباد لأنهم يصفدون بدخول رمضان قبل ممارسة العباد للطاعات الرمضانية أساساً 

الخامسة:  أن الأقرب أنهم يصفدون كمنة من الله تعالى لكي يمارس العباد طاعاتهم ويجددون علاقتهم بربهم لا أنهم يصفدون بسبب طاعاتهم التي لم يمارسونها بعد 

السادسة:  أن التصفيد خاص ببعض الجن وليس بكلهم وظاهر النصوص أنه خاص بالمردة والمردة لا تكون إلا شيطانية فخرج بذلك الجن الذين ليسوا مردة ولا شياطين 

السابعة:  أنه لا مانع من وجود جن في رمضان تؤذي الناس عن طريق المس وخدمة السحرة وربما كانوا في وظيفتهم من قبل رمضان ومستمرون عليها في أثنائه وتكون قوتهم وضعفهم بحسب قوة وضعف المحل المستهدف ورمضان فرصة عظيمة للتخلص منهم بإذن الله لأنه شهر القرآن والقرآن هو أعظم سلاح للتخلص من هذا العدو 

الثامنة:  أن الشياطين والمردة المتلبسة بالانس من قبل رمضان تصفد في رمضان وهي في أماكنها فالذي داخل الجسد يصفد في الداخل والذي خارج الجسد يصفد في الخارج

التاسعة:  أن أسهل وسيلة للقضاء على العدو وهو مصفد فمن لم يقض على عدوه ويتخلص منه وهو مصفد فأنا يتسنى له ذلك بعد حل وثاقه واستعادته لقوته وطاقته، فمن لم يستغل رمضان لتحقيق ذلك فهو خسران


كتبه أخوكم 

أنور بن محمود الرفاعي

5 ـ رمضان ـ 1442

https://t.me/anwar2015