الدرس الثامن والأربعون من دروس الأربعين النووية
الدرس الثامن والأربعون
📚 من دروس الأربعين النووية
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
✒️ قال الإمام النووي رحمه الله
💥 الحديث الأربعون
🔵 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
📚 رواه البخاري.
💥 الشرح
🔴 هذا الحديث متعلق بالزهد . والأمر بعدم الاغترار بالدنيا والحض على التزود للآخرة بالعمل الصالح.
✒️ قال ابن رجب
« وهذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنا، فيطمئن فيها، ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر: يهيئ جهازه للرحيل. وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم، قال تعالى حاكيا عن مؤمن آل فرعون أنه قال: {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار} » أ.هـ
📚 جامع العلوم والحكم(ج٣٧٧/٢).
🔵 قال عبدالله بن عمر
« أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي ».
🔴 وهذا أسلوب عظيم يدل على مدى الاهتمام .
🔵 قوله:
"كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".
✒️ قال النووي
« أي لا تركن إليها ولا تتخذها وطنا ولاتحدث نفسك بالبقاء فيها ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه الذي يريد الذهاب منه إلى أهله » أ.هـ
📚 من شرحه للأربعين
⭕️ قلت:
🔴 وهذا مايطابق الواقع لو كان الناس يعقلون .
فإن أصلهم البشري معلوم أن ابتداء حياته في الجنة.
ونزوله إلى الأرض إنما هو ابتلاء
فهو في هذه الدنيا غريب ومسافر
لأن الدار ليست داره إنما هو زائر .
فليلازم العبد التقوى في السفر مع الإيمان بالله والعمل الصالح وإخلاصه لله يعد إلى وطنه.
ومن فارق التقوى والإيمان والعمل الصالح
عاد إلى غير داره ومقره وخسر الخسران المبين .
🔴 فازهد في الدنيا وأخذ البلغة منها والكفاف فإن المؤمن لا يحتاج من الدنيا إلى أكثر مما يبلغه وطنه.
🔵 وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
✒️ قال ابن قيق العيد
🔵 « وأما قول ابن عمر:
"إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء"
فهو حض منه على أن المؤمن يستعد أبدا للموت. والموت يستعد له بالعمل الصالح. وحض على تقصير الأمل: أي لا تنتظر بأعمال الليل الصباح. بل بادر بالعمل، وكذلك إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وتؤخر أعمال الصباح إلى الليل.
🔵 قوله: "وخذ من صحتك لمرضك" حض على اغتنام صحته فيجتهد فيها خوفا من حلول مرض يمنعه من العمل.
🔵 وكذلك قوله "ومن حياتك لموتك"
تنبيه على اغتنام أيام حياته لأن من مات انقطع عمله وفات أمله وعظمت حسرته على تفريطه وندمه وليعلم أنه سيأتي عليه زمان طويل وهو تحت التراب لا يستطيع عملا ولا يمكنه أن يذكر الله عز وجل فيبادر في زمن سلامته فما أجمع هذا الحديث لمعاني الخير وأشرفه »أ.هـ
✒️ قال العلامة العثيمين
« هذه كلمات نيرات، ولو أننا سرنا على هذا المنهج في حياتنا لهانت علينا الدنيا ولم نبال بها واتخذناها متاعا فقط.
✒️ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ينبغي للإنسان أن يجعل المال كأنه حمار يركبه، أو كأنه بيت الخلاء يقضي فيه حاجته فهذا هو الزهد. وأكثر الناس اليوم يجعلون المال غاية فيركبهم المال، ويجعلونه مقصودا فيفوتهم خير كثير » أ.هـ
📚 من شرح الأربعين للعلامة العثيمين
🔴 هذا الحديث كله حض على الاغتنام لذا
💥 يستفاد منه .
⭕️ الحث على اغتنام أوقات الصحة والفراغ بالعمل الصالح قبل العجز عن ذلك.
⭕️ وأنه ينبغي للعاقل مادام باقيا متوفر فيه الصحة أن يحرص على ماينفعه وأن لايجعل الدنيا مقر إقامة ولأنه موقن
🔵 بقول الله تعالى:
{ {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور * سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.
⭕️ وفيه الحث على تقديم الزاد والتحذير من التفريط حتى يدركنا الموت فيقول القائل حينها
{ رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت }.
⭕️ وفي الحديث منقبة لابن عمر وذلك أنه عمل بتلك الوصية وتأثر بها
ومن تأثره كان يقول : « إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ... الخ .
وكذلك حرصه على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم .
⭕️ وفي الحديث الفوائد العظيمة والكثيرة والعبر .
وأعظم العبرة في ذلك كله
🔵 قول الله
{ ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا }